هؤلاء يستحقون منّا التحية

(3)

        اللجنة التحضيرية لملتقى الحوار الوطني للتغيير الديمقراطي

علي عافه إدريس ـ الدوحة

  بادئ ذي بدء  بودي أن أسجل كلمة عن عملاق من عمالقتنا ترجل أخيراً : رحل عن دنيانا الفانية يوم أمس الخميس القائد محمد سعيد ناود رحمة الله عليه وبفقده فقدت أرتريا أحد كبار رجالاتها ، رجل ليس له في بلادنا مثيل ، فقد حباه الله رحمة الله عليه  بجمع الذي من الصعب جمعه ، فعندما يذكر النضال تجهده في الصفوف الأولى للمناضلين ، وعندما يذكر الكُتاب والكتابة لا تجد من يدانيه ولا قريب من مبانيه ، رحمة الله عليه أنه قد ترك لنا في كل المجالات أرثاً نفتخر به وستفتخر به كل الأجيال القادمة .

****

بعد غياب طويل لظروف خارجة عن إرادتي ، أعود و أكتب كلماتي هذه و أنا تتنازعني مشاعر الحزن والفرح ، الحزن لتخلفي عن حضور ملتقى الحوار الوطني للتغيير الديمقراطي لظروف أسرية ، وقد ترك تخلفي عن ملتقى الحوار أثر كبير في نفسي ، ولم أجد ما أواسي به نفسي سوى أبيات الشاعر والفقيه الصوفي اليماني عبدالرحيم البرعي رغم الإختلاف الروحي للمقامين.

يا راحلين إلى منى بقيادي        ***    هيجتموا يوم الرحيل فؤادي

سرتم وسار دليلكم يا وحشتي  ***   الشوق أقلقني وصوت الحادي

حرمتم جفني المنام ببعدكم     ***   يا ساكنين المنحنى والوادي

 ورغم حزني لتخلفي عن الركب المتجه صوب الملتقى كانت هناك مساحة  كبيرة للفرح بعد افتتاح الملتقى  لتباشير النجاح التي وصلتنا عن ملتقى الحوار الذي أفتتح أولى جلساته يوم السبت الموافق 31/7/2010م ،  وتواصل وصول الأخبار المفرحة في الأيام التي تلت ذلك ، وقد رأيت أن أسجل بعض الكلمات عن من صنع لنا ذاك الفرح اللجنة التحضيرية لملتقى الحوار الوطني للتغيير الديمقراطي ، فهذا أقل ما يستحقونه منّا .

كن كالنخيل عن الأحقاد مرتفعاً :

بعد أن أعُلن عن تكوين اللجنة التحضيرية شن أصحاب الأهداف المشبوهة حربهم عليها مشككين في كل شئ يمت بصلة لها بوتيرة ثابتة وبطريقة مدروسة ولا أعتقد أن هناك من تعرض لمثل هذا الهجوم والتشكيك الذي تعرضت له اللجنة التحضيرية، ومع هذا صمدت صمود يستحق أن يطلق عليه صمود عجائبي ، وبأسلوب يحسد عليه القائمون على أمر اللجنة التحضيرية تفادوا الرد على من استهدفوهم ، فطيلة الخمسة أشهر والنصف التي قضتها التحضيرية في التحضير للملتقى أصدروا توضيح واحد مقتضب نفياً لخبر تشكيكي عن إحتمال تأجيل الملتقى ورد في موقع عدوليس ، وبهذا ضربوا مثلاً لضبط النفس وهم الأكثر إمكانيات من الذين إستهدفوهم  ومع هذا ترفعوا عن الرد عليهم وكأنهم قد تمثلوا بقول الشاعر :

كن كالنخيل عن الأحقاد مرتفعا **** يرمى بحجر فيعطي أطيب الثمر

مَلأَى السنابل تنحني بتواضع :

منذ البداية أعلنت للجنة التحضيرية عن هدف و رؤية الإنقاذ  المحدد في "انتشال وطننا الغالي من براثن الأزمة المركبة والطاحنة التي يعيشها ويرزأ تحت وطأتها في الوقت الراهن"، أزمة " توشك أن تعصف بوحدته وأن تقضي على ما تبقى فيه من السلم الأهلي والأمن الاجتماعي ، إن  ما وصلت إليه الأوضاع في مجتمعنا الأرتري من التوتر والسوء والتردي قد أصبح أمرا يثير مخاوف أبناء شعبنا وغياب المساواة في المواطنة وعدم سيادة النظام والقانون ، و أكدت اللجنة التحضيرية طرح مشروع رؤيتها الإنقاذية كورقة للتحاور مع كل المكونات السياسية والإجتماعية ، وعبرت عن استعدادها المطلق وغير المحدود للقبول بأي وجهات نظر أو آراء أو مقترحات تهدف إلى إثراء مشروعها، بالشكل الذي يؤدي إلى تحقيق أقصى قدر ممكن من التوافق الوطني الشامل الذي من شأنه الحفاظ على وحدة الوطن وإعادته إلى المسار الطبيعي والصحيح و إن غاية ما كانت تتوخاه اللجنة التحضيرية هو " التوصل إلى أنجع الحلول والمعالجات الكفيلة بإخراج البلاد من النفق المظلم الذي باتت تقبع فيه بالفعل و عملت جاهدة لتحقيق ذلك عبر بذلها للجهود المضنية لإعداد الأوراق التي تسهل  انتهاج طريق النضال المشروع قبل فوات الأوان وانفلات زمام الأمور ووقوع المحظور، داعية جميع أبناء شعبنا وقواه السياسية والاجتماعية إلى الإصطفاف معا وحشد الطاقات والجهود معها من أجل بلوغ هذا الهدف الملح والأسمى وصولا إلى بناء دولة مؤسسية ديمقراطية لا مركزية حديثة ينعم فيها كل المواطنين بالشراكة الحقيقة للسلطة والثروة والعدل والمساواة ويسودها الأمن والإستقرار والرخاء والإزدهار .

إلا أن المعادين لكل ماهو نبيل ،،، أعداء وحدة الشعب الأرتري ،،، من الإنتهازين عندما كانوا يشككون في الأهداف التي كانت تعمل من أجلها اللجنة التحضيرية كان يتبخترون كالطواويس ظناً منهم أنهم قد اصابوها في مقتل وذلك عندما تسيدوا الساحة لفترة قصيرة ، إلا أن نجاح التحضيرية في إيصال الجميع للملتقى في الوقت المحدد قد أعادهم خلال فترة إنعقاد الملتقى إلى جحورهم ، وقد عاودوا الظهور من جديد في هذه الأيام رغبةً في الثأثر من خيبة الأمل التي أصبتهم به اللجنة التحضيرية بنجاحاتها ، عادوا هذه المرة وهم أكثر تبختراً ظناً منهم أنهم بإمكانهم إصابة الملتقى في مقتل عبر فقرة تقرير المصير وهذا ما سنتحدث عنه في مقالنا القادم ، أما الرسالة التي نحب أن نوجهها لهم هنا هي :

مَلأَى السنابل تنحني بتواضع *** والفارغات رؤوسهن شوامخ

شكراً لكم أيها الأماجد :

 السادة رئيس وأعضاء اللجنة التحضيرية  لملتقى الحوار الوطني للتغيير الديمقراطي  تحية إجلال وإكبار لإنجازكم الذي سيخلده التاريخ الأرتري وأرجو أن لا تقبلوا غير وصف أنكم مبدعين فقد يتحدث البعض عن إيجابياتكم والبعض الآخر عن سلبياتكم ويركز عليها أكثر من الإيجابيات وما أود قوله لكم أن كل العظماء في تاريخ البشرية كانت لهم إيجابياتهم وسلبياتهم، وسلبياتكم التي ركز عليها البعض ممن حضروا الملتقى  لم تتجاوز إختلاف في ترجمة ورقة من الأوراق التي قدمت للمؤتمرين وتأخر حجز الطيران لبعض المؤتمرين ، وهذه الأمور هي أقل من عادية فلكم الشكر الجزيل .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1. عبدالرحيم بن أحمد بن عبدالرحيم بن إسماعيل البرعي نسبة إلى قبيلة برع ،فقيه صوفي يمني شاعر عاش في النصف الثاني من القرن الثامن الهجري وأوائل القرن التاسع ،قرأ الفقه والنحوعلى جماعة ، و تأهل للتدريس،له ديوان مطبوع وبه قصائد في الغزل و في الوجد الصوفي .