Welcome to http://www.omaal.org g مرحباً بكم في أومال صوت جموع المناضلين من أجل الديمقراطية والسلام .. المقاومين للظلم والدكتاتورية الإنعزالية في بلادنا / صوت الذين لا صوت لهم
22/01/1446 (28 يوليو 2024)
التصفح
· الرئيسية
· أريتريا في سطور
· الأخبار
· التحليل السياسي
· المقالات
· حوارات
· سجــل الخالدين
· قادة ومؤسسون
· مجموعة الأخبار
· جداول الجنود الهاربين من الخدمة العسكرية للنظام الديكتاتوري
· آداب وفنون
· دراسات ووثائق
· الاتصال بنا
· معرض الصور
· البحث
· دليل المواقع
· الذكرى 49 لإنطلاقة جبهة التحرير الإرترية
· ملفات PDF
  قصة أمواج خيم اللاجئين  [1]    (1977 )  /  الحسين علي كرار

  قصة أمواج خيم اللاجئين  [1]    (1977 )  

 

  الحسين علي كرار

    

كان (الجندي) واقفا عبوس الوجه تقطع مرارة الحياة كبده وهوينظرالي تلك الخيم التي تموج في العراء  وتعصف بها رياح الخماسين القوية شديدة الاندفاع   , وينظرالي تلك الأجسام التي أكلتها الأيام وخلعت عنها كسوتها وثوبها الأنيق وحولتها الي هياكل  ضعيفة وعظام نخرة أبلتهاالشمس بحرارتها وأبلاها الشتاء ببرده القاسي , فهي مرتع لهما ومورد مسبول.

اذ ليست هناك كسوة تمنعهم البرد القارس  فالثوب ممزق ومعدوم والجسم هزيل يفتقر الي ما يتحمل به الطبيعة من لحم ودم  وليست هناك ظلال يحتمي بها من لظاظة الشمس انها خيم في الصحراء يفترشون فيها الارض ويغطيهم ترابها وكل يوم وهم في صمت يوارون أطفالهم التراب دون فجيعة ودون نحيب . لقد وضع عليهم الدهركلكله وأحكم عليهم أ سنانه لينهش بها أجسامهم ويملأ قلوبهم تعسا ومرارة فأصبح الألم لايزيدهم الا ألما وأصبحت القسوة لا تزيدهم الا قسوة

فضاقت نفسه من هذا المشهد الأليم وخيمت علي وجهه تلك السحابة العابسة ولاكت المرارة قلبه الذي كان يتحدث بالنار وبالألم  ، فقد عاد بذاكرته الي الوراء فرأي كيف تبدل التأريخ وانقلبت الأيام وكيف تغير لون الماء ومسخ طعمه ، فهؤلاء كانوا في أرضهم أقوياء وأشداء يمارسون صنوف الحرف المختلفة يفلحون الأرض فيخرجون منها الثمار ويرعون المواشي فينتجون منها الألبان ، ولكن يد الأستعمارالأثيوبي الغاشم قد أحرقت ما زرعوه وأبادت ما رعوه وصبت عليهم نارا من السماء وأغرقتهم بنار من الأرض ، وتركت من بقي منهم في الفيافي وفي الوديان ليواجهة الموت جوعا وعطشا وليتخذ من الكهوف والغابات ملجأ وسكنا شاركوا فيها الوحوش والزواحف فان خطرها أهون من خطر الوحوش البشرية  ، فاذا كانت الجيوش الأثيوبية قد أبادت الانسان وأبادت المواشي ونزح الأهالي الي الغابات والوديان فماذا يصنع هؤلاء بما تبقي معهم من المواشي وراء المخابئ ؟ انها محنة فظيعة ألمت بهم ,  فأ خذوا يكوون أدبارالحميرلمنعه من النهيق واحتفظوا به من أجل قربة الماء  التي يضعونها فوق ظهره  بينما تخلصوا من الكلاب التي كانت تسهر لياليها لحمايتهم وحماية مواشيهم فان ضررها اليوم أصبح أكبرمن المنافع التي تجلبها لهم ، وما هؤلاء اللاجئون الا قلة من أولئك الذين توسدت الوحوش  عظامهم ورويت الأرض بدمائهم وأخذت الأشجار نصيبها علي أغصانها الشائكة لتقطع من شعر هذاوثوب ذاك وتتدلي بها  الرياح التي كانت تهب معها أظافرهم التي تملأ بها شقوق الارض لتدفنها دموع الثكالي والأيتام   . 

 

ثم تحرك قليلا نحو تلك الجموع المحتشدة والمقبلة نحوه لا لكونه انسان من الارتريين فحسب بل لكونه جنديا يحمل السلاح يدافع عن بلده ويثأر بدمه وجسده ونبضات قلبه ويأتيهم بما يشتاقون من الأخبارعن قضيتهم فتطيب لها نفوسهم  ، بدأوا يتصافحون بحرارة وتلهف كان يري أجسامهم

ضعيفة ولكنهم كانوا يرون أنفسهم أقوياء , وكان يري وجوههم شاحبة ولكنهم كانوا يرونها نضرة كان يظن سيسمع منهم شكاوي عن بؤسهم وشقائهم ولكن سمعهم يتحدثون عن القتال والبذل والعطاء , فالحقيقة عندهم غير الحقيقة التي يراها غيرهم 

أ حاديث المعارك تضيئ ببسماتها فوق شفاههم , وأجراس العودة تدق قلوبهم أهي غدا أم بعدها ؟   

فأحاديثهم محصورة في المعارك والقتال والنصر والحرية  . رحبوا به بحرارة و استضافوه في خيمة شدو ا وثاقها . سمع الجندي هذا الشيخ يتحدث ولا يعرف ما اذا كان شابا أحالته الهموم والمشاق الي كرسي الشخوخة أم كان حقيقة وصلها بعد أن أكله الدهر وأبلاه  ,  أشار الشيخ بعصا كانت في يده الي مجموعة من الأطفال الذين كانت تبدوا عليهم سماة المآسي ورسومها وهم يلعبون ويخططون بأصابعهم علي التراب وربما ألفوا ذلك عن أبائهم الذين كانوا يخططون للقتال 

قال الشيخ  هؤلاء فيهم من سقط والده وهو يؤدي واجبه في ساحة القتال , ومنهم من سقط والده بين أهله وذويه في داره  , ومنهم من تركه والده ليحمل السلاح ويؤدي واجبه  , ونحن نعطف عليهم ونمنحهم كفؤ الأبوة والحنان  نسعي لقوتهم لنمنعهم الحاجة ونسعي لعلاجهم ما أمكننا لنمنعهم الداء , وقد أكون أثرت موضوع العلاج فأعذرني علي ما قلت فسأله لماذا الاعتذار ؟ فأجاب الشيخ ان ذلك غير ميسور نبحث عن قرص الأسبرين فلم نجده  ناهيك عن غيره من الأقراص كنا سابقا في أرضنا نعالج مرضانا بالأدوية التقليدية التي هي معروفة لدينا ولكن اليوم حتي هي أصبحت معدومة لدينا أطفالنا وشيوخنا سقطوا ضحايا الأمراض والأوبئة المنتشرة  , فكيف نمنع ذلك عن هؤلآء الأطفال فهم أبناءالأجيال القادمة والذين نعقد عليهم أمالنا وأمانينا لتقدم أرضنا الحبيبة دون أن يحول ... ونحن ... فقال الجندي مقاطعا , لاداعي فقد عرفت  .

وأخذوا في صمت طويل  وتهامس  أفراد المجموعة  وتعالت أصوات البعض منهم بينما كان شخصان قادمين وهما يحملان الماء والقهوة  , تناول الجندي الماء وشرب منه وبدأ أحد الشخصين يصب القهوة في الفناجين المطروحة علي الأرض بينما كان الأخر يجيب الشيخ عن احضار الطعام الذي جهزوه بعد أن ذبحوا العتود لضيفهم  .

ثم بدأوا تكملة بقية الحديث ,  قال الشيخ لا تعتقد ان كلامي هذا جزعا أوافتقارا لصبر بل أقول هذاليعرف العالم في أي بلاج من الحياة نحن , وأي ذنب ارتكبناه  , أرغمنا لنترك أرضنا  بنير السلاح الي شرق السودان , ومع هذا لا نسمع في الصحف والأخبار الا قليلا عنا مع اننا نطالب بقضية عادلة ودفاع عن حقوق مشروعة  , فلماذا الصموت ؟  فأجابه الجندي ان العالم لا يجهل عنا شيئا ويعلم انما أقمنا ثورتناعلي مجهودنا الذاتي ووصلنا بها الي هذه القمة ويعلم أيضا اننا لم نصلها بسبل مفروشة بسندس وحرير  , وفد تنبه العالم بأجمعه اليوم لقضيتنا وستشهد علي ذلك الأيام القادمة  , وأنتم لا تظنوا أنكم أخفقتم  في واجبكم فأنتم الذين بنيتم الثورة وبذلتم المال والدم لأجل أرتريا حرة مستقلة وكابدتم وقاسيتم بكل صبروفخر واعتزاز ما قدمه لكم الأستعمار الأثيوبي من الظلم والشقاء فأنتم مفخرة الأجيال علي أيديكم لانت أصفاد الصخور  وذابت لعزيمتكم صخرات الجليد ولا بد أن تمطر هذه الغمامة وتنجلي غشوتها وتبقي سماءنا صافية لايشوبها العكور  .  

 

فغمض الشيخ عينيه وقال هكذا تشفون صدورنا  وتملؤون  قلوبنا اصرارا وعزيمة  , وما كان يعلم أن حديثه هذا قد شفي قلب ضيفه الجندي وأزال عن وجهه تلك الغمامة العابسة , وقال الجندي بعفوية صارخا عند ما رأي هذه العزيمة ((ان لنا رجالا صناديدا لا يدخل القنوط واليأس قلوبهم يرون الحياة من زواياها الكبيرة الواسعة وهذا مايجعلنا قادرين لنيل حريتنا ودفع الثمن الغالي لها مهما طغي الاستعمار وتجبر)).

ثم انفض اللقاء وهم يتصافحون ويضعون أيديهم علي صدورهم - وسط تلك الأتربة التي أظرفت ترسباتها مآقي عيونهم - علي أمل اللقاء في أرتريا   .


[1] - ما أشبه الليلة بالبارحة

أحدث المقالات
· البرنامج السياسي الم...
· لا استطيع ان انعى قا...
· بقلوب راضية بقضاء ال...
· في ذكرى الاستقلال : ...
· في ذكرى الرحيل المر ...
الدخول
الاسم

كلمة السر



نسيت أو فقدت كلمة السر؟
يمكنك الحصول على كلمة جديدة من هنا.
الزيارات غير المكررة: 47,607,887 وقت التحميل: 0.21 ثانية