وإذا الفجر جناحان يرفَان عليك / بقلم: حمد كل
نشر من قبل omaal في 17-02-2011

وإذا الفجر جناحان يرفَان عليك

بقلم: حمد كل

16 فبراير2011م.

 

وقف العالم مشدوهاً وهو يشاهد في التلفاز كتل من الجماهير وهي تهدر، راياتها مرفوعة عالية، تهتف، زاحفة في الميادين في البدء، ثم الزحف الأكبر نحو قصور الجلادين، من أجل إسقاط دولة الظلم وإرساء العدل وإستعادة الكرامة لإنسان تونس ومصر... انه زلزالاً سياسياً إستأثر بإهتمام العالم!.

أصبح الصبح ولا السجن ولا السجان باقي

بكل فخر وإعزاز نحيي الثورة في تونس ومصر، كانت ثورة، كان بركان زلزل أركان أنظمة عمقت الشعور بالمهانة، والذل والإنحطاط، كل ديكتاتور فيها أراد أن يتحول ملكاً ويورث إبنه، حكم قائم على النهب والسرقة والفساد والقمع والسجون وقتل الناس كالكلاب بعد إهدار انسانيتهم.

نحيي شباب تونس الخضراء، قادوا الثورة، إنتفضوا مستلهمين بشاعرهم الكبير أبو القاسم الشابي:

إذا الشعب يوماً أراد الحياة

فلا بد أن يستجيب القدر

ولا بد لي الليل أن ينجلي

ولا بد للقيض أن ينكسر.

ونشيد بشباب مصر المحروسة حاملين شعلة شاعرهم الكبير حافظ إبراهيم:

ينظر الخلق جميعاً

كيف أبني قواعد المجد وحدي

وبُنات الأهرام في سالف الدهر

كفوني عند التحدي.

كاذب من صدق أن العالم في حالة ثبات دائم، العالم في حالة حراك دائم، ومن يؤمن بالإستكانة والثبات فمكانه مزبلة التاريخ، ليس هناك حكم أبدي!، ان الذين قالوا أن بلداً ما لا تغيب عنه الشمس " الشمس قد غابة عنه " الديكتاتوريين هُم، هُم، لا يتغيرون يخدعهم بريق السلطة، ويطمئنهم القمع، أجهزة الأمن القمعية تضم في صفوفها اللصوص وقطاع الطرق والقتلة!، وتزداد حلقات الإنتهازيين وكبار الموظفين الخانعين حول الحاكم ليزينوا له كل شيئ، خانعين من أجل أن ينهبوا ثروات الشعب! "أجهزت المخابرات قد تؤمن الحكم لكنها لا تضمن الشرعية".

وينتشر المرض والفقر والعوز وتزداد البطالة يصحبها إنتفاء الحريات يتمثل بالشعور العميق بالمهانة والذل والإنحطاط، وأجهزة الأمن تحصي أنفاس الناس، وكل ما إزداد الفقر والبطالة إزدادت أجهزة الأمن قمعاً، تتوسع أجهزة الأمن وتتمدد، وهذا يعبر عن ضعف النظام وهشاشته، نظام بهذا الحال لا يحتمل صرخة طفل،  صرخة طفل تفزعه.

وهذه إحدى علامات المخاض، وكل ما إزداد القمع إزدادت حالة النضوج الثوري، لإن المأساة لم تلامس الناس بل أصابتهم جميعاً دون تمييز.

ما حدث في تونس ومصر ثورة بمعنى الكلمة، لكنها ثورة من نوع لم نشهده من قبل. تميزت الثورة في البلدين بالسمات التالية:

1-                 بدأت بشكل عفوي

2-                 رفعة شعارات سقوط النظام، الحاكم ونظامه

3-                 نادة بالتغيير الكامل

4-                 لم نشهد حرق العلم الأميركي والإسرائيلي

5-                 لم نسمع هتافات تدين أميركا أو إسرائيل وأنظة أخرى، لكن هذا لا يقلل من قيمة هذه الثورة الجبارة                                 

السمة الثانية لهذه الثورة:

1-                 لم تقد هذه الثورة أحزاب سياسية أو قيادات بارزة

2-                 قاد هذه الثورة شباب بمستوى تعليمى عالي، لكن الغالبية منهم لا ينتمي لأحزاب سياسية، أو لم يظهر هذا الإنتماء ولم يكن مأدلجاً

3-                 الإنترنيت والفيسبوك لعبا دورا كبيراً

4-                 وبالتعبير الأصح أن الطبقة الوسطى أو البرجوازية الصغيرة كانت رائدة هذه الثورة

عوامل نجاح هذه الثورة: كانت شعوب تونس ومصر في حالة غضب عارم من الظلم الذي حاق بهم ولهذا فإن الجميع وفي كل المدن إستجاب لنداء الثورة، لكن الأهم كان الإيمان الذي لا يتزحزح من أجل إحقاق الحق، تحدى الجميع القمع من أجل سقوط النظام الذي لا يعبر عنهم، الذي أهدر حقهم، وكان النصر المؤزر لهم ليعيشوا كرماء في أوطانهم.

وشعب بكل أسف بعض من أبنائه وهم قلة قليلة مارقة تسعى وراء الإنتماءات القومية بشكل متخلف لترسخ واقع التخلف ولتنفذ أجندات نظام بلد آخر، هؤلاء لن ينتصروا فهم في حاجة من يثور عليهم، الثورة ينتمي إليها من كان متحرر من هذه الإنتماءات من أجل وطن حر للجميع.

الثورة في تونس ومصر انتصرت لأن شعوب هذه البلدان قد تخلصت من واقع هذا التخلف وعرفت أين تكمن مصالحها.