صرخة سيدي بوزيد / بقلم محمد نور وسوك
نشر من قبل omaal في 16-01-2011

صرخة سيدي بوزيد

بقلم / محمد نور وسوك

أحفاد هانيبال وورثة إرث قيروان، عقبة بن نافع وأبطال انتفاضة الجوع والبطالة، أبناء تونس الخضراء، أعادوا لنا الأمل من جديد، فكما كان العبور إلى الأندلس وبناء تلك الحضارة العظيمة التي شهدها العالم وشهد بها التاريخ، أعادنا هذا الشعب العظيم اليوم إلى تاريخ جديد بهذه الصرخة التي انطلقت من سيدي بوزيد في تونس إيذاناً بتحطيم جدار الدولة الأمنية  وإقامة دولة الشعب والقانون، هذه الصرخة التي زلزلت أركان الدكتاتورية في العالم العربي، وما إعلان الغرب بأن الأنظمة التي لا تطبق المبادئ الديمقراطية لسنا بحاجة إلى صداقتها، هذا الإعلان الذي محا كل المديح الذي كان يطلق على تلك الأنظمة ( كراعية الليبرالية ومحاربة الإرهاب ) .

ومن هنا بدأ الحديث عن مشكلة جديدة في النظام العربي هي منظومة المحيطين بالحاكم ( أعوان – بطانة – حاشية – رجالات نظام ) هي التي تحجب عن الحاكم الرؤية وذلك بسيطرتها على وسائل الإعلام والصحافة والبرلمان والقضاء، وذلك يتم عبر تزوير الانتخابات وتسميم النظام السياسي في البلاد بالسجون والمعتقلات والتفنن بالتعذيب ونهب الثروات بحجة الدفاع عن البلاد ومشاريع التنمية الوهمية.

فمثلاً في مصر، نهبت ثروة مصر وهيبتها بحجة الانفتاح، وفي السودان نهبت البلاد بحجة نشر مبادئ الإسلام السياسي تارةً، والسلام تارةً أخرى، وفي اليمن نهبت أموال الشعب بحجة المحافظة على الوحدة ومحاربة القاعدة، وفي أرتريا نهبت البلاد بحجة حماية عرش الرئيس الضرورة والتنمية الوهمية.

وهنا نتساءل أين الحقيقة ؟ ألم تكشف صرخة ( سيدي بوزيد ) لعبة هذه المنظومة، وهنا نأخذ مثالاً نظام رئيس السودان السابق جعفر النميري الذي خرج من الحكم بانتفاضة شعبية تاركاً وراءه ديونا ًبالمليارات ليتحمل تبعاتها الشعب السوداني، ولكن النميري ( الله يرحمه .. ) مات فقيراً نسبياً ولم تكن له ملايين الدولارات في بنوك سويسرا ولا رؤوس أموال في شركات عابرة للقارات ولكن أعوانه - حتى يومنا هذا - ينعمون بملايين الدولارات التي نهبت من أموال الشعب السوداني !

إلا أن كل هذا لا يعفي الحاكم من مسؤولياته بوجود بطانة فاسدة على المبدأ القائل: ( إن كنت تعلم فتلك مصيبة وإن كنت لا تعلم فالمصيبة أعظم ! ) فالحاكم الذي لا يهمه سوى أن يبقى على كرسي الحكم مدى الحياة من الطبيعي أن يسلب بقاؤه الطويل حياة الناس وكرامتهم وثرواتهم من قبل أعوان هذا الحاكم.

إن صرخة سيدي بوزيد وكل المدن التونسية كشفت هشاشة هذه المنظومة وهذا النسيج العنكبوتي الذي يحيط بالحاكم والذي يضم أسرة الرئيس ( ولده – زوجته – أخوته ) وشركائهم بالأعمال التجارية والمشاريع الضخمة التي استنزفت البلد.

ومن هنا كان لا بد لهذه المنظومة أن تحجب حقيقة الواقع الاجتماعي والاقتصادي عن هذا الحاكم الذي يدري ولا يدري.... والمصيبة أعظم ! .

                        14/1/2011