حافظوا على مياهنا صافية حتى لا يتم إصطيادنا فيها
نشر من قبل omaal في 01-07-2010

حافظوا على مياهنا صافية حتى لا يتم إصطيادنا فيها

 

علي عافه إدريس ـ كسلا

aliafaa@yahoo.com

      أهم ميزة في الأمثال أن معانيها والحكم التي تتضمنها سهلة الفهم والاستيعاب وبالتالي لا تحتاج لشروح كثيرة باستثناء القليل منها ، فعندما نقول أن فلان يصطاد في المياه العكرة فالمعنى الذي يتبادر إلى الذهن هو أن فلان يستغل ظروف العلاقة السيئة بين الشريكين ليحقق ما عجز عن تحقيقه في حالة اتفاقهما ، والصياد الماهر لا يعود خالي الوفاض حتى في الظروف غير المواتية للصيد فصفاء المياه  وبطء  حركتها هي من الظروف الغير مواتية للصيد لأن السمك يرى الطعم والصنارة والخيط الذي علقت به الصنارة لذا يتجنب الطعم وبالتالي تُفشل السمكة عملية صيدها ونفس العملية تحدث في حالة أن عملية الصيد تتم عبر شبكة الصيد فتتجنب الأسماك الشبكة لأنها تراها ، وعلى الصياد الماهر عند الصيد بالصنارة خلق الظروف المواتية عبر تعكيره للمياه وإختيار الأماكن الجيدة للصيد وهي الأماكن الأقل إضاءة على الأقل هذا ما يقوله العارفون بشئون الصيد وأنا لست واحد منهم .

 هذه المقدمة كان لابد منها لقراءة ما يحدث الآن ، وهذا ما سأسميه المرحلة الثانية من الحرب المتواصلة على ملتقى الحوار الوطني  ، فقد قرأت في موقع عركوكباي في خانة خبر وتعليق تحت عنوان مؤتمر التحالف ما بعد حزب الشعب الديمقراطي الأرتري ، والأهمية التي يوليها الموقع للموضوع واضحة فقد تمت ترجمة الموضوع باللغة الإنجليزية بعد أن نشر أولاً بالعربية  ، ومفاد الخبر المعلق عليه وهو بعد أن تأكد غياب حزب الشعب فإن مصادر موقع عركوكباي تؤكد أن مؤتمر التحالف تنشط  في أروقته عدة آراء متنازعة ، لأن تناقض الآراء داخل تنظيمات وجماعات التحالف لم تحسم بعد ، عليه يقرر المعلق على الخبر أن المراقب لمجريات مؤتمر التحالف يلاحظ رأيان بارزان هما:

1.  من يريد من المؤتمر أو الملتقى أن يكون فرصة لمناقشة كل القضايا الدستورية والخروج بصيغة سياسية جديدة تعطي لقيادة التحالف المتنفذة شرعية التحدث كممثل وحيد وشرعي للشعب الارتري على غرار منظمة التحرير الفلسطينية وحكومتها التي أعلنتها في الجزائر عام 1988. انتهى

2.  الرأي الثاني ويقول عنه المعلق أنه الأكثر واقعيةً إذ ينظر إلى المؤتمر على انه مجرد ملتقى للتفاكر وليس لاتخاذ القرارات وإصدار تشريعات وإنشاء كيانات سياسية.  ويضيف المعلق أن الرأي الثاني قد عبرت عنه جبهة الإنقاذ الوطني بقيادة المناضل الكبير الأستاذ أحمد محمد ناصر عبر مراسلة داخلية نسبت إلى مجموعة قيادية ولم ينفها التنظيم، وبيان تنظيمي رسمي صادر بتأريخ 21 يونيو 2010 يدعو إلى (النظر إلى الملتقى القادم على انه يمثل حجر الزاوية لملتقيات قادمة وليس هو الأول والأخير. ) كما يطالب البيان (الجميع أن يدركوا أن الملتقى القادم غير مؤهل...لمعالجة كافة المشكلات والقضايا الوطنية بصورة جذرية).  ويتوقع لهذا الصوت أن يعلو ويظهر بقوة في الفترة القصيرة المقبلة في مواجهة الرأي الأول. إنتهى

محاولات تعكير مياهنا :

     المعلق قد ذكر لنا من يمثل أصحاب الرأي الثاني إلا أنه  لم يذكر من يمثل أصحاب الرأي الأول الذي يبحث عن شرعية للتحدث كممثل شرعي ووحيد للشعب الأرتري تشبهاً بمنظمة التحرير الفلسطينية، وأنا هنا  سأنقل تعليق قرأته في نفس الموضوع كتب بإسم G.Kidan باللغة الأنجليزية وصفه معلق أخر(محمد) بأن التعليق قد كتبه القائمين على الموقع حيث يقول ((لعلمكم أن من يعرف الكمبيوتر والأنترنيت يعرف بسهولة مصدر التعليق وتوقيته ، نقطة ثانية أن الأرتريين التقرنية يسمون كداني بدون قبري أو قبري كداني والأمهرا هم من يسمون قبري كدان )) وأنا أدعم وجه نظره وذلك أن التعليق نشر بسرعة قياسية بالإضافة إلى أن كاتبه السيد قبر كدان كتبه باللغة الإنجليزية بعد أن قرأ الموضوع المنشور باللغة العربية والمنطق يقول غير ذلك، عموماً بعيداً عن صحة تكهناتنا  عن كاتب التعليق ، فهو يدعم وجهة نظر كاتب الموضوع ويتحدث عن الهواجس التي تسكن الطرف الممانع والتي تتمحور حول المناصب خلافاً للهواجس التي تسكن الجميع والمتعلقة بالوحدة الوحدة الوطنية وأهمية وضع ميثاق يحميها ، فكاتب التعليق السيد G.Kidan  يقول ((لقد سمعت أن أثيوبيا سوف تشكل حكومة في المنفى ، وتعين السيد تولدي رئيس فخري والسيد صالح قاضي رئيس وزراء والسيد بشير إسحاق في الشؤون الخارجية ، والسيد عمر محمد خير وزيراً للزراعة وقرنليوس عثمان رئيس قسم الدفاع وهارون رئيس هيئة الأركان، وغيرهم من الإنقاذ والخلاص وإستبعاد الإسلاميين وجبهة التحرير الأرترية دورها لا يتجاوز دور المتفرج )) ورأي كاتب الموضوع لا يخرج في مضمونه العام فيما يراه بشأن أصحاب الرأي الأول عن هذا المضمون والهواجس  لأن هذه هي الهواجس التي تسكنهم منذ أن بدأؤا يعارضون النظام وهي كيف يصلون سدة الحكم وكيف يمكنهم المحافظة على الإنجازات التي حققها أسياس .

أجمل ما كتب عن ملتقى الحوار :

      أجمل ما كتب عن ملتقى الحوار الوطني هو ما كتبه مكتب الإعلام والثقافة لجبهة الإنقاذ الوطني الإرترية تحت عنوان (ملتقى الحوار الوطني الأرتري القادم ... خطوة في الإتجاه الصحيح ) وبهذه المناسبة أدعو من لم يقرأه أن يفعل ذلك فالبيان جميل صياغة ومضمون ، ورغم جمال ما كتب وجد من له مآرب أخرى اقتطع منه مقاطع وفسرها على هواه خدمة لأغراض أخرى خبيثة القصد منها إثارة الشكوك بين مكونات التحالف و تعكير الأجواء الصافية ، والبتر  جاء على صيغة بتر الآية (43)من سورة النساء (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ) لتصبح (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ ) .

 وقد اقتطع المعلق مقطعين من البيان ، المقطع الأول (النظر إلى الملتقى القادم على انه يمثل حجر الزاوية لملتقيات قادمة وليس هو الأول والأخير) فإذا قرئ هذه المقطع خارج سياقه يوحي بعدم أهمية هذا الملتقى في ظل سلسلة الملتقيات التي ستعقد ، أما في سياق البيان  وتأكيداته على خطورة المرحلة ودقتها والشرخ الذي أصاب بنية المجتمع الأرتري  وتأكيده كذلك على ضرورة نجاح هذا الملتقى ، و اعتباره الملتقى امتحانا حقيقا على الجميع العمل على إنجاحه حتى لا نسقط آخر سقوف الأمل لدى شعبنا ، وفي هذا السياق  سيقرأ المقطع  أن ملتقيات الحوار سوف لن تنقطع في مسيرة شعبنا بإعتبارها الحل الحضاري الأمثل الذي يمكن من خلاله أن نعيش في وطننا بأمن وسلام إخوة متحابين  ، أما المقطع الثاني ( على الجميع أن يدركوا أن الملتقى القادم غير مؤهل... لمعالجة كافة المشكلات والقضايا الوطنية بصورة جذرية) من الطبيعي أن حل القضايا المتراكمة منذ أن عرف الإرتريون بأنهم أرتريون سوف لن يتم حلها في هذا الملتقى، فللملتقى مهامه التي يجب أن يؤديها وهي المهام التي تخدم هذه المرحلة وخطورتها ، وهذا معنى الذي جاء في بيان جبهة الإنقاذ ، إلا أن كاتب التحليل قصد التحايل على هذا المعنى فبتر المقطع من سياقه حتى يقلل من أهمية الملتقى ونسب ذلك لجبهة الإنقاذ .   ثم أن المحلل يحدثنا عن مراسلات داخلية نسبت إلى مجموعة قيادية ولم ينفها التنظيم ، ولأن المعلق لم يصدقنا في بيان مكتب إعلام جبهة الإنقاذ المنشور علناً فكيف بالله سيصدقنا في مراسلات داخلية لم تنشر  و صعب الوصول إليها نسبها لقيادات جبهة الإنقاذ .

الأسطوانة المشروخة :

     في كل مرة نتحدث فيها عن وحدتنا الوطنية وعن ملتقانا المزمع عقده في نهاية يوليو القادم يسمعونا  نفس الإسطوانة المشروخة التي تحذرنا من الدور الأثيوبي السلبي وخطورته على كيان الوطن الأرتري وهذا الموضوع هو قميص عثمان بن عفان رضى الله عنه وقد أسموه هنا الطرف الثالث، والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا المقام هو ألا ينطبق عليهم ما ينطبق على الجميع ؟ ثم من هو الذي يسعى ويشارك في المؤتمرات المشبوهة المسماة مؤتمرات السلام بين أرتريا و أثيوبيا أو ما يسمى بمؤتمرات السلام في القرن الأفريقي ؟  

علاقة سدري بحزب الشعب :

يقول الأستاذ صلاح في تعليقه في خانة تعليقات نفس الموضوع رداً على الأستاذ محمد المعلق رقم (2) وهذا هو الجزء الذي يهمنا من التعليق (( ... وللمعلومية أن عركوكباي وما تطرحه من آراء تخص فريقها ولا يمس بشئ إلى سدري ، سدري لها وسائل التعبير عن أرائها ولا تتخفى في قول رأيها في الشأن العام ، وموقف سدري من ملتقى الحوار يسبق كثيراً موقف حزب الشعب ، كما أن سدري لا تنسق مواقفها مع حزب الشعب إن كنت تعرف الحقيقة ولكن لا يمكن أن نتحمل موقف كل من له رأي مخالف للملتقى ينسب إلينا أو ننسب إليه )) أولاً  لا  أدري إن كانت سدري لا زالت موجودة أم لا بعد الذي حدث في مؤتمر برايتون ؟ ، كما أني لا أدري متى أصبح لسدري رأي معلن  ضد ملتقى الحوار ؟ فبالأمس في لقاء الأستاذ صلاح مع إذاعة الجالية بأستراليا عندما سأله الأستاذ أحمد محمود علي عن موقفهم من ملتقى الحوار الوطني كان رده إيجابياً ، فلماذا تغير هذا الموقف الآن بعد إعلان حزب الشعب لموقفه ، أما علاقة سدري بحزب الشعب التي نفاها الأستاذ صلاح هي علاقة واضحة لا تحتاج لإثباتات ومع هذا سأورد هنا مقطع من تقرير حزب الشعب عن جولة قيادات الحزب في بريطانيا ، والتقرير منشور في موقع حارنت لمن أراد الرجوع إليه   (( في الرابع عشر من يونيو نظم فرعا حزب الشعب الديمقراطي الإرتري ومنظمة سدري في لندن عشاء عمل آخر، حيث حضره عدد مقدر من أعضاء وقيادات الجانبين بما فيهم السيد سليمان حسين رئيس منظمة سدري. وقد انتهزت القيادتان فرصة هذه اللقاء لمناقشة أنجع الأساليب والطرائق الكفيلة لتمتين العلاقات بين الجانبين )) وإعتقد أن الأستاذ صلاح كان حاضراً لهذا الإجتماع بإعتباره عنصر قيادي كما يقول هو وإن لم يحضره فهو محسوب عليه وعلى منظمة سدري . 

كلمة أخيرة :

 كلمتي الأخيرة هي نداء أتوجه به للتحالف الديمقراطي : أن التنظيمات المكونة للتحالف الديمقراطي الأرتري هي خليط من التنظيمات العلمانية والإسلامية والقومية ورغم هذا أن القواسم المشتركة التي تجمع هذه التنظيمات أكثر بكثير من التي تفرقها ، وعلينا أن ننمي القواسم المشتركة بيننا بدلاً أن نبحث عن نقاط الخلاف ، فالآخرين يتربصون بنا وبالوطن لهذا يجب أن نكون حذرين ، وأي مشكلة تنشأ يجب حلها بالإتصال المباشر بالطرف الذي نعتقد أنه قد تسبب في نشؤ المشكلة .

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته حتى لقاء آخر من الدوحة